جاهدة وهبه أحيت حفلة أهل البلد في قلعة بعلبك
لبت الفنانة جاهدة وهبه رغبة لجنة مهرجانات بعلبك الدولية، بإحياء أمسية على مدرجات معبد باخوس، فخصت أهالي بعلبك بحفل أطرب ما يناهز الثلاثة آلاف من عشاق فنها الراقي، والمئات منهم لم تتسع لهم المقاعد فافترشوا الأرض، أو تابعوا الحفلة وقوفا.
وهذه الأمسية البعلبكية هي من باب التعويض على تقليد ما يعرف بتسمية “حفلة أهل البلد” التي كانت اللجنة تخص بها أهالي المدينة في اليوم الذي يسبق الافتتاح الرسمي للعمل المسرحي الغنائي الفولكلوري الموسوم ب “الليالي اللبنانية”.
وطغت الأغاني الوطنية على حفل وهبه، التي حرصت على إبقاء مخزون ألبومها الجديد “أرض الغجر” للحفلة المقررة مساء الجمعة في الثاني من آب القادم مع الفنان عمر بشير وفرقته، والمغني الإسباني ملكيور كامبوس وراقصة الفلامنكو ليا لينارس، تحت عنوان: “عبق الأندلس”، والتي ستتنقل فيها بتألقها المعهود ما بين الطرب الأصيل والموشحات والمواويل وأغاني “الفلامنكو” المتجذرة في بلاد الأندلس.
بدأت وهبه مع طيف حضور سفيرتنا إلى النجوم فيروز بأغنية “يا قلبي لا تتعب قلبك، بحبك على طول بحبك، بتروح كتير وبتغيب كتير، وبترجع عا دراج بعلبك”، تلتها تحية لبعلبك نهلتها من شعر ميشال طراد، الذي غاص في أعماق آلهة الرومان ورموز زخرفة الهياكل طيلة ثلاثة عقود من الزمن، فكانت ملهمة تجلياته الشعرية النابضة بالحب، وهو القائل: “ونحنا البنينا بعلبك الحد السما
وبعدا الدني لليوم فيها ملبكي
ومعصوب ع جبينا المجد ومكسِّما
والدهر فوق عواميدها مرتكي”، واستعادت صوت وديع الصافي الهادر “طلوا حبابنا طلوا، ونسّم يا هوا بلادي، بين ربوعنا حلّوا وضحكت زهرات الوادي” مترافقة مع لوحة فولكلورية لفرقة زين الليالي البعلبكية”، وذلك قبل أن يعتلي خشبة المسرح رئيس بلدية بعلبك فؤاد بلوق الذي ألقى كلمة شكر فيها الفنانة وهبه “التي أنقذت ماء وجه لجنة مهرجانات بعلبك الدولية، فخصت أهالي مدينة الشمس بهذه الأمسية”.
وأعلن بأن “بلدية بعلبك لن ترضى بتغييب حفلة أهل البلد، التي ينبغي كما درجت العادة أن تسبق الافتتاح الرسمي للمهرجانات”.
وعادت الفنانة وهبه لتصدح بحنجرتها الماسية موالأمن شعر كبير من بلاد الأرز الشاعر سعيد عقل، ثم نقلتنا إلى رائعة سيد درويش، والفن السياسي الناقد الملتزم قضايا الناس “أهو دا اللي صار، وأدي اللي كان، ملكش حق تلوم عليا، تلوم عليا ازاي يا سيدنا، وخير بلادنا ما هوش في إيدنا، قولي عن إشيا تفيدنا، وبعدها تبقى لوم عليا”، وعودة إلى الفن الصافي وموال “عالبال يا عصفورة النهرين، يا ملونة يا مكحلة العينين”.
واختارت من ألبومها ما قبل الأخير” كتبتني” أغنية “يا ريت فيي انهدى، هالوقت ما عندو وقت ينطر حدا” من شعر طلال حيدر بالعامية، وألحانها، ثم أنشدت قصيدة وطنية من أشهر قصائد الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان “موطني” التي كتبها خلال فترة دراسته في بيروت، ومطلعها: “موطني، الجلال والجمال، والسناء والبهاء في رباك، والحياة والنجاة، والهناء والرخاء في هواك”، والتي تحولت إلى نشيد وطني لعدة أقطار عربية وفي طليعتها فلسطين.
ثم غنت “حلوة يا بلدي” مع مجموعة من طلاب مدارس بعلبك، ولتشد الرحال بصحبتهم إلى الأغنية الوطنية الخالدة “بكتب اسمك يا بلادي
عالشمس الما بتغيب
لا مالي ولا ولادي
على حبك ما في حبيب”.
وتربعت “سلطانة الطرب الأصيل” على عرشها، لتؤدي من روائع كوكب الشرق أم كلثوم أغنية “أنت عمري” وانطلقت الآهات مع كلماتها “رجعوني عينيك، لأيامي اللي راحوا، علموني أندم على الماضي وجراحه، اللي شفته قبل ما تشوفك عيني، عمر ضايع يحسبوه ازاي علي، أنت عمري اللي ابتدى بنورك صباحه”.
وأكملت مع العندليب الأسمر أغنية “كامل الأوصاف فتني، والعيون السود خدوني، من هواهم رحت اغني آه يا ليل آه يا عين”، ثم انتقلت إلى شعر “غونتر غراس” وقصيدته “لا تمض إلى الغابة” التي ترجمتها من الألمانية إلى العربية أمل جبوري.
والختام مع التراث والفولكلور اللبناني، فغنت من شعر طلال حيدر باللهجة البدوية “تتلفتين شمال”، مترافقة مع لوحة دبكة تراثية، واللوحة الأخيرة من الحفل تكريما للشحرورة صباح “تتعلا وتتعمر يا دار، ومحمية براجك، والعسكر داير من دار، توقف عاسياجك، يا بلدنا زينة البلاد، تنعاد اعيادك تنعاد”.